صور من حياة الصحابة الجزء الاول

عرض هذا الكتاب الممتع الرائع مشاهد حية و معبرة من حياة صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم , يحكي ما كانواعليه في حياتهم من تفان في خدمة الدعوة , و صدق في حب الله تعالى وحب رسوله الكريم , و رغبة جامحة في مناجزة أعداء الله تعالى , و اندفاع في إعلاء راية الإسلام ونشره في كل مكان يستطيعون وصوله .

و يصف المؤلف من خلال قصصه الرائعة - التي يعرضها عن خير جيل مر على البشرية - طبيعة العلاقة التي كانت تسري بينهم رضوان الله عليهم من محبة و إخوة صادقة منزهة عن كل غرض و مطمع .

و المؤلف يخصص في كتابه فصلا لكل صحابي ممن اختار الحديث عنهم , فيبدأ بتعريف موجز يقدم فيه اسمه ونسبه , ثم يختار من أحداث حياته المواقف التي تعبر عن الفكرة التي تجسدها شخصية هذاالصحابي .

و المؤلف في حديثه عن الصحابي لا يتتبع تفاصيل حياته و لا يسبرأغوار شخصيته , و إنما يكتفي بعرض لمحات مركزة تعطي انطباعا معينا عن جانب من جوانب شخصية هذا الصحابي الكريم .

و كان المؤلف رحمه الله تعالى يثبت في خاتمة كل فصل قائمة بالمراجع لمن شاء أن يستزيد من أخبار الصحابي .

و المؤلف من خلال جمعه لهذه اللمحات و النماذج عن الصحابة الكرام يقدم صورا للسمو و البطولة والإخلاص الشديد و الإيمان العميق , و هي صور واقعية ليس فيها مبالغة و لا غلو , تنتشر خلالها التوجيهات الإيمانية و الحكم الرائعة يوجهها المؤلف إلى جيل الشباب المسلم ليعرف أجداده الكرام كما رباهم النبي صلى الله عليه وسلم لا كما يعرضهم المستشرقون و الحاقدون .

و قد حرص المؤلف على اختيار اللمحات المعبرة , والعبارات الموجزة , و العرض المختصر ,و استخدام أسلوب السرد القصصي غالبا .

و جمع المؤلف في حديثه الشيق عن الصحابة رضوان الله عليهم بين الحقيقةالتاريخية و البلاغة الأدبية , فكان مشرق البيان , متين العبارة , يتوخى الألفاظ الفصيحة , و يشرح ما قد يستعصي على ثقافة الفتيان من مفردات .

و ليس هذابغريب عن الدكتور عبد الرحمن رأفت باشا فهو أديب إسلامي كان من أوائل من دعا إلى فن أدبي إسلامي لا يكتفي بجمال التعبير وإبداع التصوير؛ وإنما يشترط فيه أن يكون ممتعًا هادفًا نافعًا في وقت معًا… فن أدبي إسلامي ملتزم أمام إله متصف بصفات الكمال كلها، منزه عن صفات النقص جميعها… ويكون بسماته هذه مغايرًا للتيارات الأدبية الأخرى التي تلتزم أمام النفوس البشرية الأمارة بالسوء .

و الدكتور عبد الرحمن رحمه الله تعالى ولد عام 1920م في بلدة أريحا شمال سورية، وتلقى دراسته الابتدائية فيها، ثم تخرج في المدرسة الخسروية بحلب؛ … أما دراسته الجامعية فتلقاهافي القاهرة؛ حيث نال الشّهادة العالية لكلية أصول الدّين في الأزهر، وشهادةاللّيسانس أيضًا في الأدب العربي من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، ثم درجتي الماجستير والدّكتوراه من هذه الجامعة التي أطلق عليها فيما بعد اسم جامعةالقاهرة.

ولقد أمضى الدكتور عبد الرحمن حياته العلمية والعملية منذ بدايتها مكافحًا ومنافحًا عن لغة القرآن , إلى أن تُوفي رحمه الله في يوم الجمعة 18/7/1986م في مدينة اسطنبول بتركيا، وسُجِّيَ جثمانه بمقبرة الفاتح هناك؛ حيث يرقد كثير من الصّحابة والتّابعين الذين أحبهم في حياته وجاورهم في مدفنهم .

و بعد .... فمن الحقائق المؤكدة أن المرء في بداية سن الشباب يتطلع إلى نموذج يتخذه مثالا يقتدي به , و في هذه السلسلة المباركة الطيبة نماذج بشرية واقعية عظيمة , تتمثل فيها القيم السامية النابعة من عقيدتنا , و فيها أيضا التوجيه الرائع و الدروس النافعة في القصة و الأدب بل و في القراءة السليمة و الكتابة السليمة أيضا , و هو وإن كتب للفتيان و الفتيات في المرحلة الثانوية إلا إنه ممتع للقراء بعامة في أي مستوى ثقافي كانوا .

اللهم اجمعنا مع أصحابك الكرام في ظل عرشك يوم لا ظلإلا ظلك ,و اجعلنا في الدنيا على سننهم و هديهم يا أرحم الراحمين .